ترامب وإسرائيل تحول حقيقي أم مسرحية سياسية؟

حيدري نظر

سؤالك عميق ويندرج ضمن التحليل السياسي للعلاقات الدولية. العلاقة بين دونالد ترامب وإسرائيل كانت محورًا مهمًا في السياسة الأمريكية خلال فترة رئاسته (2017–2021)، وقد أثارت الكثير من الجدل حول ما إذا كانت هذه العلاقة تمثل تحولًا استراتيجيًا حقيقيًا في السياسات الأمريكية، أم أنها مسرحية سياسية تخدم مصالح داخلية وخارجية.

الحجج التي تشير إلى “تحول حقيقي”:

1. نقل السفارة الأمريكية إلى القدس:

   • في 2018، نفّذ ترامب وعدًا لم تجرؤ إدارات سابقة على تنفيذه، مما عدّه البعض “تحولًا تاريخيًا” في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

2. الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان:

   • خطوة غير مسبوقة تؤكد انحيازًا واضحًا وغير قابل للرجوع في النظرة الأمريكية للمناطق المتنازع عليها.

3. اتفاقيات “أبراهام” لتطبيع العلاقات:

   • شجعت إدارة ترامب دولًا عربية (الإمارات، البحرين، السودان، المغرب) على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مما غيّر خريطة التحالفات الإقليمية.

4. تحجيم الدعم للفلسطينيين:

   • قطع المساعدات عن الأونروا والسلطة الفلسطينية كان رسالة سياسية قوية، وأدى إلى تآكل دور واشنطن كوسيط “محايد”.

الحجج التي تشير إلى “مسرحية سياسية”:

1. خدمة القاعدة الانتخابية:

   • قرارات ترامب بشأن إسرائيل لاقت دعمًا كبيرًا من الإنجيليين المسيحيين، وهم من أقوى قواعده الانتخابية، مما يعطي بعدًا انتخابيًا محضًا للقرارات.

2. علاقات المصالح وليس المبادئ:

   • رغم الحركات “الدرامية”، لم تُنهِ إدارة ترامب الاحتلال أو تغير شيئًا جوهريًا في الصراع، بل قامت بتحركات رمزية قوية لكنها قابلة للتراجع في الإدارات اللاحقة.

3. الإخراج الإعلامي المكثف:

   • طريقة الإعلان عن القرارات (مثل إعلان القدس عاصمة)، واستخدامها في الحملات الانتخابية، تشير إلى توظيف سياسي للملف أكثر من كونه تحولًا استراتيجيًا دائمًا.

العلاقة بين ترامب وإسرائيل يمكن أن تُفهم كـ تحول حقيقي في الشكل والمواقف المعلنة، لكنها تخدم أيضًا أغراضًا سياسية داخلية وشخصية، مما يجعلها مزيجًا بين التحول والمسرحية. فـ”التحول” في السياسة الأمريكية نحو انحياز أكثر وضوحًا لإسرائيل، و”المسرحية” في الطريقة التي أُخرج بها ذلك لتحقيق مكاسب انتخابية.